فصل: كتب الرأي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كيفية دراسة الفقه **


 كتب الرأي

ويعنى بكتب الرأي الكتب التي تعتمد في الأحكام على الأقيسة، وهذا مبني على مدرسة كانت في الكوفة، وهي مدرسة أهل الرأي من مثل حماد بن أبي سليمان، قبل إبراهيم النخعي وأبي حنيفة وكذلك في المدينة مثل ربيعة الرأي شيخ مالك ونحو ذلك ظهرت كتب لهؤلاء ولمن بعدهم ممن تبعهم هذه معتمدة على الأقيسة وعلى القواعد العامة فيفرعون الأحكام على الأقيسة والقواعد، لاحظ أنَّ هذه هي التي عناها أهل العلم بالأثر وأهل الحديث بالذم، إيّاكم وكتب الرأي، أياكم وأهل الرأي، فإنهم أعيتهم الآثار أن يحملوها فذهبوا إلى الرأي ونحو ذلك، لأنه يستدلون بالقياس وبالقواعد، ويقدمونها على الآثار، وهذا لا شك أنه ليس بطريق سويّ، وذلك لأن أولًا من حيث التأصيل أولئك جعلوا القياس أصحّ من الحديث، ويقولون القياس دليله قطعي، القاعدة دليلها قطعي، طبعًا القياس حينما نقوله هو أعم من خصوص ما عليه الاصطلاح الأخير، يعني بالقياس ما يدخل فيه تحقيق المناط، يعني القواعد التي تدخل في العبادات والمعاملات، فيستدلون بأدلة قطعية على القواعد، فإذا أتى دليل يخالف القاعدة يقولون هذا حديث آحاد فلا نقدمه على الأقيسة، يقدمون مثلًا القياس على الحديث المرسل، يقدمون القياس على الحديث المتصل إذا كان لا يوافق القواعد، وهكذا فظهر عندهم خلاف للآثار وهذا الذي عناه السلف بذلك، وهم لهم أصولهم فالحنفية مثلًا عندهم أصول الفقه التي تخالف أصول أئمة الفقه الذين هم من أهل الحديث مالك والشافعي وأحمد ـ رضي الله عنهم أجمعين ـ في أنحاء كثيرة في أبواب كثيرة، مثلًا عندهم أنّ العام أقوى من الخاص، فعندهم أن دلالة العام على أفراده قطعية إذا كان الدليل قطعيًا‏.‏

وأما دلالة الخاص على ما اشتمل عليه من الفرد يعني من المسألة الخاصة فهذه دلالتها ظنية فيجعلون العام مقدمًا على الخاص، ولا يحكمون للخاص على العام، وهكذا في التقييد والإطلاق هكذا في مسائل شتى مثلًا عندهم الحديث المرسل مقدم على المسند فالحديث المرسل مثلًا عن سعيد بن المسيب أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال كذا، عن إبراهيم النخعي أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال كذا، وهكذا المراسيل عامة كمراسيل أبي العالية ونحوهم من كبار التابعين وغيرهيم، يعتبرون أن هذه المراسيل أقوى من الأحاديث المسندة، فإذا أتى حديث مرسل وحديث متصل في المسألة نفسها، أخذوا بالحديث المرسل وتركوا الحديث المسند المتصل لأصولهم لدلالة عقلية عندهم على ذلك، وهذا طبعًا أنتج أقوالًا أكثر من الأقوال التي كانت موجودة في زمن الصحابة والتابعين، فصار عندنا تفريعات كثيرة‏.‏

كذلك في مسألة القواعد يقولون الاستدلال بالقياس مقدم على الاستدلال بالأثر لأن القياس دليله واضح يعني مثلًا القاعدة دليلها واضح، وأما الأثر فإنه فرد، والقاعدة شملت أحكامًا كثيرة، كل أدلتها تعضد هذه القاعدة، وأما الأثر فهو واحد في نفسه، وعندهم أن القاعدة هي قطعية على ما اشتملت عليه وأما الآثار فإنها ظنية، هذا هو الذي نهى عنه السلف بشدة، وحذّروا من النظر في الرأي لهذا الأمر، وكتب الحديث على هذا، على الذي أسلفت فيما هو تبويب وإيراد ما في الباب من أدلة من كلام النبي صلى الله عليه وسلم يعني من آثار أو من كلام الصحابة أو من التابعين أو من تبع التابعين بالأسانيد أهل الأثر ويمثلهم بوضوح في اتباع أصولهم الإمام أحمد رحمه الله ورحمهم أجمعين ينظرون في المسألة فإذا كان فيها حديثًا عن النبي صلى الله عليه وسلم قدّموه إذا كانت دلالته ظاهرة أو من باب أولى إذا كانت نصًا فإذا لم تكن كذلك نظروا في فتاوى الصحابة فيما يثبت أحد الاحتمالين في الفهم كذلك إذا جاءت فتوى عن الصحابي وكان فيها احتمال في الفهم نظروا في أقوال أصحابه من التابعين بما يوضح لهم معنى قول الصاحب إذا كان القول ظاهرًا أو نصًا من الصحابي في مسألة نازلة وليس له مخالف أخذوا به، وإذا اختلف الصحابة في المسألة على قولين هنا تنازعوا، يأخذون بقول من‏؟‏ فمنهم من قال نأخذ بقول الخلفاء الراشدين أو بأحدهم إذ وُجِد ذلك، لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال‏:‏ ‏"‏عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي‏"‏ وإذا مثلًا عثمان خالفه ابنُ عباس أخذوا بقول عثمان، وإذا عمرُ خالفه ابنُ عمر أخذوا بقول عمر وهكذا، وإذا اجتمع الخلفاء الأربعة في مسألة أخذوا بها بقوة، وتارة تكون الآثار متعارضة في المسألة فيكون للإمام أكثر من قول وفي هذا كثرت الروايات عن الإمام أحمد في المسائل تجد مسألة له فيها عدة روايات لأنه في الرواية الأولى مال إلى ترجيح أحد الآثار في المسألة، والرواية الثانية نظر في المرة الأخرى واختار الآخر، وهكذا، فالمقصود أنهم يدورون بالنظر مع الآثار، والإمام أحمد لما استفتي أو كان يستفتى كثيرًا تلامذته صنفوا المسائل عنه فهذه المسائل عن الإمام أحمد كثيرة تبلغ نحو سبعين كتابًا من المسائل أو نحو ذلك لأصحابه منها الشيء المختصر ومنها الكثير، أعني الكبير، هذه نقل منها طائفة من أصحابه ما هو معتمد عنده مما يعرفونه من كلام الإمام أحمد وهم المسمون بالجماعة عن الإمام أحمد، هذه الأقوال دونها بعض الحنابلة في المختصرات ابتداءً من الخرقي‏.‏

فمن بعده حولوا الفقه إلى أنه فهم الإمام في النصوص كان سابقًا مثل ما ذكرت لكم الأئمة ينظرون في الآثار فلما أتى التلامذة كثرت عليهم الآثار تنظر مثلًا في الفقه في المصنف مصنف ابن أبي شيبة مصنف عبد الرزاق تحتار أقوال مختلفة وأسانيد، ومسائل تعترضها أحيانًا أدلة أصولية، وأحيانًا أدلة تحتاج إلى معرفة رجال الإسناد‏.‏

وأحيانًا النظر في القرآن وفي السنة وهل يحمل هذا على هذا أو لا، فالتلامذة ضعفوا عن ذلك مع وصية الأئمة بأن يأخذوا من حيث أخذ الأئمة، لكن وجدوا في أنفسهم الضعف فتمسكوا بفهم الأئمة للنصوص لأجل أن يريحوا أنفسهم دونوا هذا، وهذا التدوين أضعف باب النظر في آثار السلف تدوين الفقه، مثل مختصر الخرقي وغيره أو مختصر المزني للشافعية أو مختصر الطحاوي أو مثلًا كتب محمد بن القاسم عن مالك مثل المدونة وغيره أضعف النظر في الآثار التي هي عمدة هؤلاء الأئمة فصاروا يدورون مع نصوص الأئمة بل زاد الأمر بعد ذلك حتى أصبحو يخرجون عليها كأن هذه قد نص عليها الإمام بمسألة جامعة، وهي كما ذكرت لكم أنهم ذكروها جوابًا على الاستفتاءات والمُستفتي إذا استفتى فالجواب يكون على قدر الفتوى ولا يستحضر المفتي حين السؤال أن كلامه سيكون عامًا أو خاصًا أو نحو ذلك، فإنما يجيبون على حسب السؤال أحيانًا ينتبه لهذا الأمر فيجيب قدر السؤال، لهذا ظهرت هناك أقوال، أقوال في المذهب الواحد، مثلًا عند الشافعية أقوال العراقيين وأقوال الخراسانيين قول للشافعي في القديم وقول في الجديد ومن منهم من أخذ بهذا ومن منهم من أخذ بهذا لأجل نظرهم بأن الإمام ما أراد بنصه هذا المعنى المعين بل أراد شيئًا آخر هذه كانت جواب، أو هذه أراد بها خصوص المسألة ما أراد مثيلاتها ونحو ذلك‏.‏

كذلك أصحاب الإمام أحمد كثرت عندهم الأقوال وأصحابه كثير ولأجل كثرة الروايات تعددت الأقوال في المذهب لهذا مثلًا عند الحنابلة عندنا عدد مراحل مرت بها وهي ثلاثة مراحل‏:‏

1- مرحلة المتقدمين‏.‏

2- مرحلة المتوسطين‏.‏

3- مرحلة المتأخرين‏.‏

فالمتقدمون من أوله يعني من الخرقي أو ما قبله إلى القاضي أبي يعلى ومن القاضي أبي يعلى إلى آخر الشيخين الموفق والمجد هذه تعتبر من المتوسطين ثم بعد ذلك يبدأ المتأخرون على خلاف بعضهم يزيد في هذا قليلًا، مثلًا فالشافعية عندهم قسمان متقدمون ومتأخرون والحد عندهم بين المتقدمين والمتاخرين رأس الأربعمائة وهكذا عند المالكية أيضًا عندهم طبقات هذا تجديد في فهم الكتب فهم نصوص الأئمة الى آخره‏.‏

هذه المراحل في كل مرحلة دونت كتب هذه الكتب تختلف في أسلوبها سواء في الفقه أو في أصول الفقه تختلف في أسلوبها تختلف في استيعابها ما بين ماتن وموسع قليلًا ما بين ضابط للعبارة وسهل العبارة وما بين ذاكر للخلاف وغير ذاكر للخلاف‏.‏

فلهذا المسائل التي يذكرها المتقدمون تجدها أوضح من التي يذكرها المتأخرون، فكل ما تقدم الزمن كلما كان الكلام أوضح، فالمتأخرون يذكرون المسائل لكن يصعب فهم كلامهم في بعض الأنحاء‏.‏

فإذا صعب فهم كلامهم ترجع إلى كلام المتقدمين في نفس المسألة تجدها أوضح، وليس المقصود بذكر المذهب الحنبلي فقط، لكن كتأصيل عام لهذا نقول أن التفقه وحرص المرء على أن يكون عنده ملكة فقهية يكون مبنيًا على هذا الذي ذكرته وأنت تلاحظ فيما ذكرتُ كان هناك متون وهذا الأخير وكان هناك استفتاءات وهي المتوسطة وكانت هناك الآثار وهي المتقدمة‏.‏

فأولًا‏:‏ الآثار هي التي ظهرت في الأمة وهذه الآثار كان منها ما هو جواب أسئلة ثم بعد ذلك كلام الأئمة كان عن استفتاءات مثل المدونة سئل الإمام مالك فأجاب كذلك الإمام الشافعي كثير منها أسئلة، وعلم الإمام أحمد في المسائل كثير والثالث مصنفات، لهذا الفقه وتنمية الملكة الفقهية والحاسة الفقهية في فهم المسائل وفي التعبير عنها وفي إدراك كلام العلماء على المسائل الفقهية يكون برعاية هذه الثلاث مجتمعة ‏.‏

أولًا‏:‏ العناية بالمتون‏.‏

ثانيًا‏:‏ العناية بالفتاوى‏.‏

ثالثًا‏:‏ العناية بالآثار‏.‏

لا بد منها على هذا النحو يعني تعكس هي في تاريخ الأمة بدأت الآثار الفتاوى ثم تدوين المتون الآن نعكس إذا أردنا طلب الفقه لأن مثلًا في زمن أهل الآثار زمن الصحابة والتابعين عندهم اللغة وأصول الفقه، وأصول الفقه مبناها على اللغة فعندهم ملكة في الفهم والاستنباط وهذه ليست عند المتأخرين لكن ننمي هذه الملكة وتتنامي هذه الملكة‏:‏ إذا عكسنا الطريق

أولًا ‏:‏ نبدأ بالمتون ثم بالفتاوى ثم بالآثار، فإذا اتيت إلى الناحية التطبيقية مثلًا عندنا تقرأ في الزاد متن من متون الكتب للمتأخرين من الحنابلة، هذا تأخذه وتتصور مسائله مسائل مجردة تفهم صورة المسألة وهذا أهم مما سيأتي بعد لأن ما بعده مبني عليه فإذا لم تتصور المسألة كما هي صار ما بعدها مبنيٌ على غلط وما بُني على غلط فهو غلط، فإذن تبدأ أولًا بتصور المسائل، مسائل الباب إذا كان هناك معها أدلة واضحة في كل مسألة هذه دليلها كذا، وهذه دليلها كذا كحجة للمسألة‏.‏ ‏.‏‏.‏ إلخ‏.‏

ثم تنظر في فتاوى الأئمة، تنظر في فتاوى علمائنا مثلًا فتأخذ مثلًا باب المسح على الخفين، تقرأ هذا الباب وتفهم مسائله على حسب ما يذكر من الدليل المختصر ما تتوسع لأنك إذا توسعت ضعت إذا توسعت في كل مسألة وطلبت أدلتها والآثار فيها ما نخلص في كل مسألة فيها في الكتب كتب الآثار وكتب الحديث وكتب العلماء من الخلاف الشيء الكثير، لكن تفهم هذه المسائل ثم تنظر في الفتوى السؤال والجواب من علماء وقتك يعني من علمائنا فإذا نظرت إلى هذا يقوى عندك أنّ الفهم الذي فهمته في المسائل مع ربطه بالواقعة الذي هو بالسؤال يكون الفهم عندك اتصل من المتن إلى الواقع، وكثير من الناس يفهم الفقه فهما نظريًا لكن إذا أتى يُسأل، ذهنه ما دربه على هذا الانتقال أي الانتقال من المسائل الفقهية بأدلتها إلى أن هذه الصورة المسئول عنها هي داخلة في ذلك الكلام، أو هي المرادة بتلك الجملة في المتن‏.‏

كيف تتنمي هذه الملكة‏؟‏ إذا الربط بين الكتاب الفقهي والواقع بمطالعة الفتاوى هنا تتنامى، تبدأ يكون عندك حاسة في المقارنة إذا سُئلت ذهنك مباشرة ينتقل لأجل هذه الدربة أو ما نقول سُئلت مثلًا سألك أحد في بيتك أو أنت سألت نفسك أو وقعت واقعة تبدأ تتأمل سيكون عندك دربة إلى أنَّ هذا هو المراد أن هذه داخلة في المسألة أنت تلحظ أنه بمطالعة كلام المفتين على المسائل يصير عندك سعة في الدليل ‏(‏واحد‏)‏، وتثبيت لتصور المسألة ولحكمها ‏(‏اثنين‏)‏، ‏(‏والثالث‏)‏ يكون عندك معرفة بما عليه الفتوى من علمائك، وهذه الثالثة مهمة لماذا‏؟‏ لأننا مثلًا الآن الواحد عمره مثلًا خمسة وعشرين سنة أو ثلاثين سنة‏.‏ كم هذه المسائل عهده بها عهده بها خمس سنين أو عشر سنين، صحيح‏؟‏ لكن العالم الذي يفتي مثلًا عمره خمسين أوستين أو سبعين أو ثمانين، هذا له بها من العهد خمسين سنة مرت عليه ما هو مرة أو مرتين، مرت به عشرين ثلاثين خمسين مرة، ألف مرة، حتى صارت عنده واضحة مثل اسمه من كثرة تكررها، فإذن هنا هذه الفتاوى بمنزلة المصفِّي للكلام الذي تقرأه في المتن، هل هو مما يُفتى به ويعمل به أم لا‏؟‏‏.‏

مما نلحظ مما سبق أن ذكرناه فيه مسائل نقول ليس عليها العمل، يعني الفتوى ليست عليها في مسائل كثيرة، مثلًا في طهارة جلد الميتة بالدباغ من المعروف مثلًا في ما قرأناه في زاد المستقنع أنه لا يطهر جلدُ ميتة بدباغ مطلقًا، لكن لو كان الحيوان قالوا يباح استعماله في يابس من حيوان طاهر حال الحياة، مما يحل بالزكاة فيه أي يحل أكله بالزكاة يعني مما يباح في ذلك، أو مما كان دون الهرة في الخلقة، إلى ما هو معروف، إذا نظرت في الفتوى الفتوى على خلاف ذلك، فإذن هنا الضرب الفتوى تبين لك ما عليه العمل في المتن مما ليس عليه العمل فإذا ضبطت هذا الضرب يأتي عندك هناك سعة جديدة في الفهم فتنتقل - بعد ما تحكم هذا الأمر تحكم الباب أو تحكم الأبواب - إلى كتب الخلاف كتب الآثار يكون عندك فهم إلى أن هذا القول أقوى من هذا القول، هذا القول ليس عليه العمل تظهر عندك إشكالات، لماذا يفتون مثلًا بهذا أو بهذه الفتوى‏؟‏ والآثار جاءت فيها كذا وكذا، بغير ذلك، في مثلا هل المرأة الحائض تقرأ القرآن أو النفساء تقرأ القرآن أم لا‏؟‏ تعرف الفتوى عند أكثر المشائخ على أي قول‏؟‏ ثم إذا نظرت في الآثار ظهر عندك شيءٌ ثاني، يبدأ عندك هناك علم مهم جدًا في الفقه، وهو يوجد في كل فن وهو علم الاستشكال، إذا استشكل مستشكل هذا معناه أنه يفهم إذا كان استشكاله واقعيًا إذا استشكل لماذا يفتون بكذا‏؟‏ مع أنّ الأثر دل على كذا مع أن الدليل يحتمل كذا، فإذا سأل أحدًا من أهل العلم أزال عنه الإشكال وأجاب عن إشكاله، وقد قال القرافي في ‏"‏فروقه‏"‏ قاعدة الفرق بين الكبائر والصغائر ‏"‏ومعرفة الإشكال علم في نفسه‏"‏- من المهم أنك تستشكل ما فهمت كيف يقولون كذا، والدليل محتمل لكذا ليش، ما اعتنوا بكذا‏؟‏ لماذا ما ذكروا القاعدة‏؟‏ هذه القاعدة تشمل هذه لماذا ما ستدل بالقاعدة‏؟‏‏.‏ هنا استدلالات كانت مهجورة عند السلف، الأدلة موجودة ولم يستدلوا بدليل منها، ولما أتى المتأخرون أو بعض المعاصرين استدلوا بأدلة لم يستدل السلف في المسألة بتلك الأدلة هذا اشكال لماذا‏؟‏ لماذا السلف ما استدلوا إلى مسألة كذا وكذا بالدليل الفلاني واستدل به بعض الناس من هذا العصر ما استدل السلف بالدليل واستدل به بعض الناس من هذا العصر بعض المشايخ أو بعض طلبة العلم لماذا‏؟‏ هذا الاشكال يتولد عندك مع اشكالات أخرى تحل هذا وتحل هذا حتى يرسخ الباب في ذهنك يرسخ الباب بتصوره بمعرفة دليله وبمعرفة الفتوى وبمعرفة الأقوال الأخرى بعد حين هذه مراتب ومعرفة الأقوال الأخرى وجواب هذا وجواب هذا‏.‏ إذا عكست المسألة ما يحصل عندك ملكة فقهية، إذا بدأت مثلًا بالآثار فسيكون عندك معرفة بالخلافيات كثيرة لكن الملكة الفقهية ضعيفة وتحصيلك للمسائل قليل لإن مثلًا إذا نظرنا في كل مسألة سنبحث عما جاء فيها في الأسانيد والمصنفات أو في كتب الحديث وهي هذا صحيح أم غير صحيح وما ورد عن الصحابة والتابعين سوف تطول المسألة والأئمة في عهدهم كانوا على قرب من عهد الآثار على قرب من عهد الصحابة ما عندهم علوم كثيرة جدًا اشغلت أذهانهم‏.‏

الآن مثلًا من القرن الثالث إلى الآن ألف ومائة سنة كم ظهر من العلوم التي شغلت اذهاننا وأخذت خيرًا منه من الأذهان، ولذلك صار الذهن لا يستطيع أن يكون مركزًا على ذلك يعني غالب الطلاب يكون مُركّزًا على الآثار ومستخرج منها الفقه الصحيح لهذا نعم نقول الغاية هي الآثار وهذا الذي يجب فالدين هو كتاب وسنة وأثر ولكن كيف تصل إليه‏؟‏ لا بد أن تسلك الطريق الذي سلكه العلماء في الأزمنه المتأخره بعد فوات التمكن في العلوم والآتها‏.‏ بدأوا بالمتون المختصرة جدًا هذا كالبناء ثم بعد ذلك يرون فتاوى العصر فيرون ماذا يفتي به علماء عصرهم الشافعية على الشافعية والحنفية على الحنفية ثم يبدأون بإيراد الإشكالات والنظر في الآثار‏.‏